الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَإن جاهداك على أَن تُشْركَ بى مَا لَيْسَ لَكَ به علْمٌ} باستحقاقه الإشراك تقليدًا لهما، وقيل أراد بنفي العلم به نفيه. {فَلاَ تُطعْهُمَا} في ذلك. {وصاحبهما في الدنيا مَعْرُوفًا} صحابًا معروفًا يرتضيه الشرع ويقتضيه الكرم. {واتبع} في الدين {سَبيلَ مَنْ أَنَابَ إلَىَّ} بالتوحيد والإخلاص في الطاعة. {ثُمَّ إلَيَّ مَرْجعُكُمْ} مرجعك ومرجعهما. {فَأُنَبئُكُم بمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} بأن أجازيك على إيمانك وأجازيهما على كفرهما، والآيتان معترضتان في تضاعيف وصية لقمان تأكيدًا لما فيها من النهي عن الشرك كأنه قال: وقد وصينا بمثل ما وصى به، وذكر الوالدين للمبالغة في ذلك فإنهما مع أنهما تلو الباري في استحقاق التعظيم والطاعة لا يجوز أن يستحقاه في الإشراك فما ظنك بغيرهما روي نزولهما في سعد بن أبي وقاص وأمه مكثت لإسلامه ثلاثًا لم تطعم فيها شيئًا، ولذلك قيل من أناب إليه أبو بكر رضي الله عنه فإنه أسلم بدعوته.{يا بنى إنَّهَا إن تَكُ مثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ} أي أن الخصلة من الإحسان أو الإساءة إن تك مثلًا في الصغر كحبة الخردل. ورفع نافع {مثْقَالَ} على أن الهاء ضمير القصة وكان تامة وتأنيثها لإضافة المثقال إلى الحبة كقول الشاعر:كما شرقت صدر القناة من الدم. أو لأن المراد به الحسنة أو السيئة. {فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أَوْ في السموات أَوْ في الأرض} في أخفى مكان وأحرزه كجوف صخرة أو أعلاه كمحدب السموات أو أسفله كمقعر الأرض. وقرىء بكسر الكاف من وكن الطائر إذا استقر في وكنته. {يَأْت بهَا الله} يحضرها فيحاسب عليها. {إنَّ الله لَطيفٌ} يصل علمه إلى كل خفي. {خَبيرٌ} عالم بكنهه.{يا بنى أَقم الصلاة} تكميلًا لنفسك. {وَأْمُرْ بالمعروف وانه عَن المنكر} تكميلًا لغيرك. {واصبر على مَا أَصَابَكَ} من الشدائد سيما في ذلك. {إنَّ ذلك} إشارة إلى الصبر أو إلى كل ما أمر به. {منْ عَزْم الأمور} مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع إيجاب مصدر أطلق للمفعول، ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل من قوله: {فَإذَا عَزَمَ الأمر} أي جد.{وَلاَ تُصَعّرْ خَدَّكَ للنَّاس} لا تمله عنهم ولا تولهم صفحة وجهك كما يفعله المتكبرون من الصعر وهو داء يعتري البعير فيلوي عنقه. وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي {وَلاَ تصاعر}، وقرىء {وَلاَ تُصَعّرْ} والكل واحد مثل علاه وأعلاه وعالاه.{وَلاَ تَمْش في الأرض مَرَحًا} أي فرحًا مصدر وقع موقع الحال أي تمرح مرحًا أو لأجل المرح وهو البطر. {إنَّ الله لاَ يُحبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} علة للنهي وتأخير ال {فَخُورٌ} وهو مقابل للمصعر خده والمختال للماشي مرحًا لتوافق رءوس الآي.{واقصد في مَشْيكَ} توسط فيه بين الدبيب والإسراع. وعنه عليه الصلاة والسلام: «سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن» وقول عائشة في عمر رضي الله عنهما كان إذا مشى أسرع فالمراد ما فوق دبيب المتماوت، وقرىء بقطع الهمزة من أقصد الرامي إذا سدد سهمه نحو الرمية. {واغضض من صَوْتكَ} وانقص منه واقصر. {إنَّ أَنكَرَ الأصوات} أوحشها. {لَصَوْتُ الحمير} والحمار مثل في الذم سيما نهاقه ولذلك يكنى عنه فيقال طويل الأذنين، وفي تمثيل الصوت المرتفع بصوته ثم إخراجه مخرج الإستعارة مبالغة شديدة وتوحيد الصوت لأن المراد تفضيل الجنس في النكير دون الآحاد أو لأنه مصدر في الأصل.{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ مَّا في السموات} بأن جعله أسبابًا محصلة لمنافعكم. {وَمَا في الأرض} بأن مكنكم من الإنتفاع به بوسط أو غير وسط {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نعَمَهُ ظاهرة وَبَاطنَةً} محسوسة ومعقولة ما تعرفونه وما لا تعرفونه وقد مر شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة، وقرىء {وأصبغ} بالإبدال وهو جار في كل سين اجتمع من الغين أو الخاء أو القاف كصلخ وصقر، وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص {نعَمَهُ} بالجمع والإضافة. {وَمنَ الناس مَن يجادل في الله} في توحيده وصفاته. {بغَيْر علْمٍ} مستفاد من دليل. {وَلاَ هُدًى} راجع إلى رسول. {وَلاَ كتاب مُّنيرٍ} أنزله الله بل بالتقليد كما قال: {وَإذَا قيلَ لَهُمُ اتبعوا مَا أَنزَلَ الله قَالُوا بَلْ نَتَّبعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْه ءابَاءنَا} وهو منع صريح من التقليد في الأصول. {أَوَلَوْ كَانَ الشيطان يَدْعُوهُمْ} يحتمل أن يكون الضمير {لَهُمْ} ولآبائهم. {إلى عَذَاب السعير} إلى ما يؤول إليه من التقليد أو الإشراك وجواب محذوف مثل لاتبعوه، والإستفهام للإنكار والتعجب. اهـ.
.قال الخطيب الشربيني: سورة لقمان مكية أو إلا {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} الآيتين، وهي أربع أو ثلاث وثلاثون آية، وخمسمائة وثمانوأربعون كلمة، وألفان ومائة وعشرة أحرف.{بسم الله} أي: الذي وسع كل شيء رحمة وعلمًا {الرحمن} الذي شملت نعمته سائر بريته {الرحيم} بأوليائه فخصهم بمعرفته قوله تعالى: {الم} تقدّم الكلام عليه في أوّل سورة البقرة، وقيل: إنه أشار بذلك إلى أن الله الملك الأعلى أرسل جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم بوحي ناطق من الحكم والأحكام بما لم ينطق به من قبله إمام ولا يلحقه في ذلك نبي مدى الأيام فهو المبدأ وهو الختام، وإلى ذلك أومأ بتعبيره بأداة البعد في قوله تعالى: {تلك} أي: الآيات التي هي من العلوّ والعظمة بمكان {آيات الكتاب} أي: الجامع لجميع أنواع الخير {الحكيم} بوضع الأشياء في حواق مراتبها فلا يستطاع نقص شيء من إبرامه، ولا معارضة شيء من كلامه الدال ذلك على تمام علم منزله وشمول عظمته وقدرته، والإضافة بمعنى من، وقوله تعالى: {هدى ورحمة} بالرفع وهي قراءة حمزة خبر مبتدأ مضمر هي أو هو، وقرأ الباقون بالنصب على الحال من آيات والعامل ما في اسم الإشارة من معنى الفعل. وقال تعالى: {للمحسنين} إشارة إلى أنّ رحمة الله قريب من المحسنين فإنه تعالى قال في البقرة: {ذلك الكتاب} ولم يقل الحكيم وههنا قال: الحكيم؛ لأنه لما زاد ذكر وصف في الكتاب زاد ذكرًا من أحواله فقال: {هدى ورحمة} وقال هناك {هدى للمتقين} فقوله تعالى: {هدى} في مقابلة قوله تعالى: {الكتاب} وقوله تعالى: {ورحمة} في مقابلة قوله تعالى: {الحكيم} ووصف الكتاب بالحكيم على معنى ذي الحكمة كقوله تعالى: {في عيشة راضية} أي: ذات رضا. وقوله تعالى هناك: {للمتقين} وقوله تعالى هنا {للمحسنين} لأنه لما ذكر أنه هدى ولم يذكر شيئًا آخر قال للمتقين أي: يهدي به من يتقي الشرك والعناد، وههنا زاد قوله تعالى: {ورحمة} فقال: {للمحسنين} كما قال تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} (يونس: 26) فناسب زيادة.قوله تعالى: {ورحمة} ولأنّ المحسن يتقي وزيادة ثم وصف المحسنين بقوله تعالى: {الذين يقيمون الصلاة} أي: يجعلونها كأنها قائمة بسبب إتقان جميع ما أمر به فيها وندب إليه، ودخل فيها الحج لأنه لا يعظم البيت في كل يوم خمس مرّات إلا معظم له بالحج فعلًا أو قوّة {ويؤتون الزكاة} أي: كلها فدخل فيها الصوم؛ لأنه لا يؤّدي زكاة الفطر إلا من صامه فعلًا أو قوّة. ولما كان الإيمان أساس هذه الأركان وكان الإيمان بالبعث جامعًا لجميع أنواعه وحاملًا على سائر وجوه الإحسان قال تعالى: {وهم بالآخرة} أي: التي تقدّم أنّ المجرمين عنها غافلون {هم يوقنون} أي: يؤمنون بها إيمان موقن فهو لا يفعل شيئًا ينافي الإيمان، ولا يغفل عنه طرفة عين، فهو في الذورة العليا من ذلك فهو يعبد الله تعالى كأنه يراه، فآية البقرة بداية وهذه نهاية، ولما كانت هذه الخلال أمهات الأفعال الموجبة للكمال وكانت مساوية من وجه لآية البقرة ختمها بختامها بعد أن زمها بزمامها فقال: {أولئك} أي: العالو الرتبة الحائزون من منازل القرب أعظم رتبة {على هدى} أي: متمكنون منه تمكن المستعلي على الشيء، وقال: {من ربهم} تذكيرًا لهم بأنه لولا إحسانه لما وصلوا إلى شيء ليلزموا تمريغ الجباه على الأعتاب خوفًا من الإعجاب {وأولئك هم المفلحون} أي: الظافرون بكل مراد، لما بين سبحانه وتعالى حال من تحلى بهذا الحال فترقى إلى حلية أهل الكمال بين حال أضدادهم بقوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} أي: ما يلهي عما يعني كالأحاديث التي لا أصل لها والأساطير التي لا اعتبار فيها والمضاحك وفضول الكلام، فإن قيل: ما معنى إضافة اللهو إلى الحديث؟أجيب: بأنّ معناها التبيين وهي الإضافة بمعنى من وأن يضاف الشيء إلى ما هو منه كقوله: جبة خزَ وباب ساجٍ، والمعنى: من يشترى اللهو من الحديث لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره فبين بالحديث، والمراد بالحديث الحديث المنكر كما جاء في الحديث: «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش» ويجوز أن تكون الإضافة بمعنى منْ التبعيضية، كأنه قيل: ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو.قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة كان يتجر فيأتي الحيرة ويشتري أخبار العجم ويحدّث بها قريشًا ويقول: إنّ محمدًا يحدّثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدّثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقال مجاهد: يعني شراء المغنيات والمغنين. ووجه الكلام على هذا التأويل: من يشتري ذات أو ذا لهو الحديث.وقيل: كان النضر يشتري المغنيات ولا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينة فيقول: أطعميه واسقيه وغنيه ويقول: هذا خير لك مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه، وعن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهنّ وأثمانهنّ حرام وفي مثل هذا نزلت الآية وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت» وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب وكسب المزمار، وقال مكحول: من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيمًا عليه حتى يموت لم أصل عليه إن الله تعالى ليقول: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} الآية، وعن الحسن وغيره قالوا: لهو الحديث هو الغناء، والآية نزلت فيه ومعنى يشتري لهو الحديث يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن، وقال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن هذه الآية فقال: هو الغناء والله الذي لا إله إلا هو يردّدها ثلاث مرّات. وقال إبراهيم النخعيّ: الغناء ينبت النفاق في القلب، قال وكان أصحابنا يأخذون بأفواه السكك يخرقون الدفوف، وقال ابن جريج: لهو الحديث هو الطبل، وقال الضحاك: هو الشرك، وقال قتادة: هو كل لهو ولعب، وقيل: الغناء منفدة للمال مسخطة للرّب مفسدة للقلب {ليضلّ عن سبيل الله} أي: الطريق الواضح الموصل للملك الأعلى المستجمع لصفات الكمال ضدّ ما كان عليه المحسنون من الهدى، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء قبل الضاد من الضلالة بمعنى ليثبت على ضلاله، والباقون بضمها، ونكر قوله تعالى: {بغير علم} ليفيد السلب العامّ لكل نوع من أنواع العلم أي: لأنه لا علم بشيء من حال السبيل ولا حال غيرها علمًا يستحق إطلاق العلم عليه، فإن قيل: ما معنى قوله تعالى: {بغير علم}؟.أجيب: بأنه تعالى لما جعله مشتريًا لهو الحديث بالقرآن قال يشتري بغير علم بالتجارة بغير بصيرة بها حيث يستبدل الضلال بالهدى والباطل بالحق. ونحوه قوله تعالى: {فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين} أي: وما كانوا مهتدين بالتجارة وبصراء بها {ويتخذها} أي: السبيل التي لا أشرف منها مع ما ثبت له من الجهل المطلق {هزوًا} أي: مهزوّا بها، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بنصب الذال عطفًا على يضلّ، والباقون بالرفع على يشتري، وسكن حمزة زاي هزوًا وضمها الباقون، ولما انفتح هذا الشقاء الدائم بينه بقوله تعالى: {أولئك} أي: هؤلاء البعداء البغضاء {لهم عذاب مهين} لإهانتهم الحق باستثناء الباطل عليه، ولما كان الإنسان قد يكون غافلًا فإذا نبه انتبه نبه سبحانه وتعالى على أن هذا الإنسان المنهمك في أسباب الخسران لا يزداد على ممرّ الزمان إلا مفاجأة لكل ما يرد عليه من البيان بقوله تعالى: {وإذا تتلى عليه آياتنا} أي: تتجدّد عليه تلاوتها أي: تلاوة القرآن من كل تال كان {ولى} أي: بعد السماع مطلق التولية سواء كان على المجانبة أو مدبرًا {مستكبرًا} أي: طالبًا للكبر موجدًا له بالإعراض عن الطاعة {كأن} أي: كأنه لم {يسمعها} فهو لم يزل على حالة الكبر {كأن في أذنيه وقرًا} أي: صممًا يستوي معه تكليم غيره له وسكوته.تنبيه: جملتا التشبيه حالان من ضمير ولى، أو الثانية بيان للأولى. وقرأ نافع بسكون الذال، والباقون بضمنها، ولما تسبب عن ذلك استحقاقه لما يزيل كبره وعظمته قال تعالى: {فبشره} أي: أعلمه {بعذاب أليم} أي: مؤلم، وذكر البشارة تهكم به وهو النضر بن الحارث كما مرّت الإشارة إليه، ولما بين تعالى حال المعرض عن سماع الآيات بين حال من يقبل على تلك الآيات بقوله تعالى: {إن الذين آمنوا} أي: أوجدوا الإيمان {وعملوا} أي: تصديقًا له {الصالحات لهم جنات} أي: بساتين {النعيم} أي: نعيم جنات فعكس للمبالغة كما أنّ لهؤلاء العذاب المهين، ووحد العذاب وجمع الرحمة إشارة إلى أنّ الرحمة واسعة أكثر من الغضب، ولما كان ذلك قد لا يكون دائمًا وكان السرور بشيء قد ينقطع قال تعالى: {خالدين فيها} أي: دائمًا، وقوله تعالى: {وعد الله} أي: الذي لا شيء أجل منه مصدر مؤكد لنفسه؛ لأنّ قوله تعالى: {جنات} في معنى وعدهم الله تعالى ذلك وقوله تعالى: {حقًا} مصدر مؤكد لغيره أي: لمضمون تلك الجملة الأولى وعاملهما مختلف، فتقدير الأولى: وعد. الله ذلك وعدًا. وتقدير الثانية: أحق ذلك حقًا فأكد نعيم الجنات ولم يؤكد العذاب المهين {وهو العزيز} أي: فلا يغلبه شيء {الحكيم} أي: الذي لا يضع شيئًا إلا في محله، ولما ختم بصفتي العزة وهي غاية القدرة والحكمة وهي ثمرة العلم دل عليهما بإتقان أفعاله بقوله تعالى: {خلق السموات} على علوّها وكبرها وضخامتها {بغير عمد} وقوله تعالى: {ترونها} فيه وجهان: أحدهما: أنه راجع إلى السموات إذ ليست بعمد أصلًا وأنتم ترونها كذلك بغير عمد، الثاني: أنه راجع إلى العمد ومعناه بغير عمد مرئية، وعلى كلا الوجهين هي ثابتة لا تزول وليس ذلك إلا بقدرة قادر مختار، تنبيه: أكثر المفسرين أنّ السموات مبسوطة كصحف مستوية لقوله تعالى: {يوم نطوي السماء كطيّ السجلّ للكتب}.
|